هل يقبل وزير التربية والتعليم أن يحصل فى عام 2018 على نفس الأجر الذى كان يحصل عليه وزير التربية والتعليم عام 1970 أو عام 1973 وهل يقبل وزير المالية الأن أن يحصل على أجر وزير المالية فى سبعينيات القرن الماضى؟! أجزم أن أى مسؤول عاقل سيرفض رفضا تاما أن يعامل ماليا معاملة نظيره قبل أربعين عاما أو يزيد فأى مسؤول يعلم تماما ما فعله التضخم بالجنيه فبعد أن كان كالجبل الاشم تهوى إليه النفوس أصبح مثل ذرة فى الهواء لا تحس إلا بجهد جهيد... وأى مسؤول يعلم أن التضخم أشعل أسعار كل شيء من أسعار الشقق التى انتقلت من خانة المئات والآلاف فى السبعينيات إلى خانة الملايين ومئات الألوف فى الوقت الحالى، وصولا لمكافأت وأسعار نجوم كرة القدم فبعد أن كان حسن الشاذلى نجم الترسانة وهداف الدورى العام المصري حتى اليوم يحصل هو وتوأمه مصطفى رياض هداف دورة طوكيو الأوليمبية على جنيهات مكافأة الفوز، أصبح من هو أقل منهما كثيرا يباع بالملايين ويحصل على مكافأت بمئات الألوف، التضخم وصل لنجوم السينما فبعد أن كان رشدى أباظة يحصل على بضعة آلاف أصبح محمد رمضان يحصل على الملايين.
لماذا طرحت هذا السؤال الافتراضى غير الواقعى؟! إذا عرف السبب بطل العجب....فصدق أو لا تصدق أن مكافأة التفوق للطلاب الحاصلين على الثانوية العامة فى 2018 ما زالت كما كانت فى سبعينيات القرن الماضى... صدق أو لا تصدق اننى حصلت عام 1973 وانا طالب بالسنة الأولى فى كلية الإقتصاد والعلوم السياسية على مكافأة تفوق قدرها 84 جنيها قسمت على 7 شهور بواقع 12 جنيها كل شهر، وصدق أو لا تصدق أن المكافأة ما زالت كما هى لم يصبها التحسين ولا الإنصاف فى عام 2018، هى هى 84 جنيها بالتمام والكمال، وما زالت تقدم للطلبة المتفوقين على أقساط رغم التضخم الإقتصادى الهائل.
كانت مكافأة التفوق فى السبعينيات تمكن من يحصل عليها من شراء ملابس وكتب وهدايا لأهله، بل كانت تمكن الطلاب المغتربين من دفع رسوم المدينة الجامعية وشراء الكتب، بل كانت المكافأة تمكن بعض النبلاء من مساعدة أهلهم، واليوم المكافأة تكفى بالكاد لتناول إفطار وغداء فى كافتريا الكلية، وتكفى بالكاد لدفع أجرة تاكسى ابيض أو اوبر مقابل توصيلة من الكلية للبيت أو تكفى بالكاد لشراء كتاب جامعى وملزمة من مكتبات بين السرايات.
الأمر يحتاج إلى قرارات منصفة وعاجلة تراعى حجم التضخم الذى أشعل كل الأسعار خلال العقود الماضية، وتعطى للطلاب المتفوقين قدرهم، وتمنحهم الفرصة للاحساس بأن الدولة تقدرهم حقا وصدقا ولا تستهين بتفوقهم، والمسألة بسيطة للغاية، لننظر القيمة الشرائية لـ84 جنيها فى سبعينيات القرن الماضى، ومن ثم نحدد كم تساوى فى 2018 لنعطى أبناءنا المتفوقين ما يستحقونه، خاصة أن أهلهم دفعوا آلاف الجنيهات للوصول إلى التفوق.
------------------
بقلم: عبدالغنى عجاج